قِرَاءَةٌ فِي جُذُورِ الْمَرْكَزِيَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ فِي أَعْمَالِ الْآبَاءِ ‏الْمُؤَسِّسِينَ ‏"دِرَاسَةٌ فِي التَّارِيخِ الثَّقَافِيِّ"‏

نوع المستند : بحوث علمية محکمة

المؤلف

كلية الآداب جامعة الوادي الجديد

المستخلص

تُمَثِّلُ الْمَرْكَزِيَّةُ الْأَفْرِيقِيَّةُ مِنْ أَحَدِ جَوَانِبِهَا، اسْتِجَابَةً لِلْمَرْكَزِيَّةِ الْأُورُوبِّيَّةِ، وَلِوِجْهَةِ نَظَرٍ طَالَمَا هَمَّشَتْ أَفْرِيقِيَا وَالْأَفَارِقَةِ، لَا سِيَّمَا فِي الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ، وَفِي أَرْجَاءِ الْعَالَمِ. وَيُمْكِنُ بِشَكْلٍ عَامٍ مُلَاحَظَةُ الْأُصُولِ الْفِكْرِيَّةِ الْأُورُوبِّيَّةِ الَّتِي أَمَدَّتْ تَيَّارَ "الْمَرْكَزِيَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ" بِكَثِيرٍ مِنْ تَصَوُّرَاتِهِ مُنْذُ ظُهُورِهِ مَطْلَعَ الْقَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ، عَلَى يَدِ عَدَدٍ مِنَ الْمُفَكِّرِينَ وَالْمُؤَرِّخِينَ الْأَمْرِيكِيِّينَ مِنْ أُصُولِ أَفْرِيقِيَّةِ. وَهِي أُصُولٌ مُمْتَدَّةٌ تَارِيخِيًّا مِنَ النُّصُوصِ الْكِلَاسِيكِيَّةِ الْيُونَانِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ إِلَى كِتَابَاتِ رَحَّالَةٍ وَمُسْتَشْرِقِينَ أُورُوبِّيينَ مِمَّنْ زَارُوا مِصْرَ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ فِي الْقَرْنِ الثَّامِنَ عَشَرَ. وَيَبْرُزُ فِي هَذَا السِّيَاقِ مِثَالَانِ بَارِزَانِ، هُمَا مَارِتِنُ دِيلَانِي Martin R. Delany ، وَإِدِوَارِدُ وِيلَمُوتَ بِلَايِدَنَ Blyden, Edward W بِالنَّظَرِ لِتَنَاوُلِهِمَا الْمُبَاشِرِ لِلْمَسْأَلَةِ، وَاسْتِشْهَادَاتِهِمَا الْوَاضِحَةِ بِنُصُوصِ مُهِمَّةٍ، وَدَالَّةٍ مِنَ الْفِكْرِ الْأُورُوبِّي تُفِيدُ فِي تَفَهُّمِ صَمِيمِ بِنْيَةِ الْمَرْكَزِيَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ وَتَحْلِيلِهَا، وَمِنْ ثَمَّ مُعَالَجَتِهَا بِشَكْلٍ أَكْثَرَ مَوْضُوعِيَّةً وَدِقَّةً. 
وَتَتَنَاوَلُ الدِّرَاسَةُ جُذُورَ فِكْرَةِ الْمَرْكَزِيَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ؛ النَّشْأَةِ وَالتَّأْسِيسِ، وَنَشَرَ وِيلِمُوتُ بِلَايدِنَ نَصَّهُ التَّأْصِيلِيَّ حَوْلَ الزِّنْجِيِّ فِي التَّارِيخِ الْعَتِيقِ فِي عَامِ 1869م الَّذِي اسْتَهَلَّهُ بِالْاسْتِشْهَادِ بِآرَاءِ الرَّحَّالَةِ، وَعَالِمِ اللُّغَةِ الْمُسْتَشْرِقِ الْفَرَنْسِيِّ قُنَسْطِنْطِينَ فِرَانِسِوا فُولِنِي  C. F. Volney عَقِبَ زِيَارَاتِهِ لِعَجَائِبِ الْآثَارِ "فِي مِصْرَ وَإِثْيُوبِيَا عَامَ 1782م، وَانْبِهَارِهِ بِهَا وَمُنْجَزَاتِ "عِرْقِ الزُّنُوجِ" (رُبَّمَا فِي إِشَارَةٍ لِلْمِصْرِيِّينَ، وَلَيْسَ بِالضَّرُورَةِ لِلْمَعْنَى الْمُعَاصِرِ لِلْمُصْطَلَحِ حِينَذَاكَ) الَّذِينَ يُعَدُّونَ الْآنَ عَبِيدًا لَنَا، وَأَنَّنَا مَدِينُونَ فِي فُنُونِنَا وَعُلُومِنَا، وَحَتَّى فِي اسْتِخْدَامِنَا لِلْكَلِمَةِ لَهُمْ!" وَاسْتَطْرَدَ بِلَايِدِنُ "وَلَا نَرَى كَيْفَ يُمْكِنُنَا، فِي ضَوْءِ سِجِلَّاتِ الْمَاضِي الَّتِي تَوَفَّرَتْ لَنَا، الْفِرَارَ مِنْ خَلَاصَاتِ فُولِنِي.  وَرَبَطَ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ بَيْنَ الْإِسْهَامَاتِ الْفَنِّيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ لِلزُّنُوجِ وَنَظَيرَتِهَا فِي "مَرَاكِزِ الْحَضَارَةِ فِي الْمَشْرِقِ الْعَرَبِيِّ فِي عَصْرِهِ" فِي بَابِلَ وَنَيْنَوِى، وَبُنَاةِ الْأَهْرَامِ فِي مِصْرَ "بِحُكْمِ الْعِلَاقَةِ الْوَثِيقَةِ وَالْمُبَاشِرَةِ" بَيْنَ الزُّنُوجِ وَهَذِهِ الْحَضَارَاتِ. ثُمَّ جَهَدَ الْمُفَكِّرُ وَالْأَنْثَرُوبُولُوجِي الْهَايِيتِي فِيرِميِنُ نِهَايَةِ الْقَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي مَسْعَى تَأْكِيدِ الْجُذُورِ الْأَفْرِيقِيَّةِ لِلْحَضَارَةِ الْمِصْرِيَّةِ الْقَدِيمَةِ، أَوْ مَا سَمَّاهَا بِالْمِصْرِيَّةِ- الْكَيمِيتِيَّةِ ضِمْنَ جُهُودِهِ فِي تَفْنِيدِ دُونِيةِ الْعِرْقِ الْأَسْوَدِ، وَنَقْدِ الْعِرْقِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي سَادَتْ فِي الدَّوَائِرِ الْفِكْرِيَّةِ الْأُورُوبِّيَّةِ نِهَايَةِ الْقَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ. ثُمَّ تَطَوَّرَ تَيَّارُ الْمَرْكَزِيَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ مِنْ خِلَالِ قِرَاءَةِ أَعْمَالِ الْآبَاءِ الْمُؤَسِّسِينَ مَارِتِنَ دِيلَانِي، وَهُو أَحَدُ أَبْرَزِ دُعَاةِ الْأَفْرُوعُمُومِيَّةِ الثَّقَافِيَّةِ فِي الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ، وَإِدْوَارِدَ وِيلُمُوتَ بِلَايِدَنَ، ثُمَّ الْآثَارُ الثَّقَافِيَّةُ لِلْمَرْكَزِيَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ فِي ضَوْءِ إِسْهَامِ أَسَانِتِي وَتَطَوُّرِ تَيَّارِ الْمَرْكَزِيَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ.

الموضوعات الرئيسية