تغير المناخ وسيناريوهاته المستقبلية وأثرها في راحة الإنسان ‏جنوبي مصر (1960 – 2022)‏

نوع المستند : بحوث علمية محکمة

المؤلف

قسم الجغرافيا ونظم المعلومات الجغرافية بكلية الآداب جامعة أسيوط

المستخلص

يُعد الاحترار العالمي مشكلة بيئية تجعل جميع الدول في حالة تأهب. وفي ظل هذا الاعتبار يعاني جنوب مصر من تداعيات بيئية خطيرة مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، خاصة خلال الفترات الحارة من العام؛ بسبب موقعها ضمن نطاق الصحاري المدارية الحارة، ويفاقم ويزيد من هذه التداعيات االتغيرات المناخية (الاحترار العالمي). تعتبر الراحة الحرارية قضية رئيسية في المدن ومن المتوقع أن تتغير في المستقبل بسبب تغير المناخ، حيث يعد تغير المناخ، وتناقص الراحة الفسيولوجية للسكان، من بين التحديات الرئيسية التي تواجه البشرية على المستويين العالمي والمحلي. وفي هذا السياق، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تعد منطقة الدراسة جزءًا منها، معرضة بشكل خاص للتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ والتي زادت من صورتها كمنطقة تعاني من الإجهاد الحراري. وفي ضوء ذلك تهدف الدراسة الحالية إلي تحليل التغير المناخي (الاحترار العالمي)، من خلال دراسة التغير فى اتجاهات درجة الحرارة والرطوبة النسبية، كما تسعي الدراسة إلي إبراز تأثير التغير المناخي (الاحترار العالمي) علي الراحة الفسيولوجية للسكان فى جنوب مصر.
وقد اعتمدت الدراسة فى سبيل تحقيق ذلك على البيانات المناخية لعنصري درجة الحرارة اليومية (°س)، ومتوسط الرطوبة النسبية (%)، فى محطتي أسوان، والأقصر، خلال الفترة (1960- 2022)، وإسقاطاتها المستقبلية لمدة 50 عام (2023-2073م)، لحساب التغير فى الاتجاه العام لكل من درجة الحرارة، والرطوبة النسبية. وكذا اعتمدت الدراسة على تطبيق مؤشر عدم الراحة المعدل لِتُوم (Thom's discomfort index (DI. كما تم استخدام تحليل مان كيندال Mann-Kendall فى تحليل السلاسل الزمنية لقيم درجة الحرارة، والرطوبة النسبية، ومؤشر عدم الراحة خلال الفترة (1960-2022)، والإسقاطات المستقبلية (2023-2073) لدراسة التغير فى الاتجاه العام.
وكشفت تحليل التغير في الاتجاه العام لدرجة الحرارة فى محطتى أسوان والأقصر عن وجود اتجاهًا عاما صاعدا فى كل فصول وشهور العام، وكان ذو دلالة إحصائية معنوية قوية، خلال الفترة (1960-2022م)، فقد بلغت أقصاها (2.1°س, 1,8°س) خلال فصل الصيف، وسجلت أدناها (0.83°س، 1.3°س) خلال فصل الشتاء، على الترتيب. وكذا شهدت الرطوبة النسبية اتجاها عاما صاعدا فى كل فصول وشهور العام، ففي محطة أسوان أقصي ارتفاع فى معدلات التغير خلال فصل الشتاء (4.34%)، وأدناه (2.75%) خلال الصيف. بينما كان العكس فى محطة الأقصر، فقد سجل أقصى تغير فى اتجاهات الرطوبة النسبية خلال فصل الصيف (3.91%)، وأدناها (0.57%) خلال الشتاء. كما أبرزت الدراسة بناءً على الاسقاطات المسقبلية أنه من المتوقع أن تستمر لدرجة حرارة الهواء، والرطوبة النسبية فى الارتفاع خلال الفترة (2023-2073)، بسبب الاحترار العالمي، وستكون أكبر زيادة فى درجة الحرارة أيضا خلال فصل الصيف (1.65°س، 1.54°س)، وأدناها (0.65°س، 1.01°س) خلال الشتاء فى محطتى أسوان والأقصر على الترتيب. وبالنسبة للرطوبة النسبية فيشهد فصل الشتاء أعلي معدل زيادة (3.5%)، فى أسوان، بينما يتوقع العكس فى الأقصر، فمن المتوقع أن يشهد فصل الصيف أعلى معدل تغير (3.91%).
وتشير النتائج التي توصلت إليها الدراسة أن الاتجاه الصاعد فى درجة الحرارة، والرطوبة النسبية في منطقة الدراسة؛ قد انعكس على زيادة قيم مؤشر عدم الراحة؛ ومن ثم زيادة شعور سكان منطقة الدراسة بعدم الراحة الفسيولوجية، فقد كشفت نتائج تحليل اختبار مان كيندال Mann-Kendall أن الاتجاه العام لمؤشر عدم الراحة سجل اتجاهًا عاما صاعدا فى قيمه مع الزمن، وبزيادة فصلية فى محطتي أسوان والأقصر، بلغت (0.6، 0.9)، (1.2، 1.2)، (1.5، 1.5)، (1.1، 1.0)، خلا فصول الشتاء، الربيع، والصيف، والخريف، على الترتيب. مما يدل على زيادة شعور السكان فى جنوب مصر بعدم الراحة الفسيولوجية مع الزمن، متفقًا فى ذلك مع الكثير من الدراسات. مما يعنى مزيدا من عدم الراحة للسكان، وتكون هذه الزيادات أكثر أهمية خلال الفترات الحارة من العام، التي تكون بالفعل شديدة الحرارة مقارنة بفصول الشتاء. قد تكون مثل هذه التغييرات خطرة على الناس في مناطق واسعة من البلاد. وإذا استمر الاتجاه الحالي في المستقبل، فسيكون بقاء الإنسان على قيد الحياة في المنطقة مستحيلاً دون الوصول المستمر إلى أجهزة تكييف الهواء.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية