تداعيات الصراع في السودان على مصر في ضوء الروابط الجغرافية و ‏التاريخية ‏"دراسة في الجغرافيا السياسية"‏

ترتبط كلًا من مصر والسودان بشكل وثيق جغرافيًا و تاريخيًا ؛فالعلاقات التاريخية بينهما ترجع إلى عصر الدولة الفرعونية ، وقد تحققت الوحدة بينهما عندما قام محمد على باشا بضم السودان في عام 1823 م ، وذلك لإدراكه أهمية السودان بالنسبة لمصر ، وقد كان لمصر دور كبير في تطور السودان وبناء نهضته حيث اسهم المصريون في نشر الإسلام و اللغة العربية بإرسال البعثات والدعاة و المهندسين الزراعيين والخبراء لنشر الوعي الزراعي إلى جانب إنشاء مشروعات السكك الحديدية والطرق و إدارة المياه ، وقد حاولت الدراسة توضيح أهمية العلاقات بين مصر والسودان في ضوء مقومات التكامل الجغرافي بينهما ؛ حيث أكدت البيئة الجغرافية على الوحدة بين مصر والسودان من خلال امتداد مظاهر السطح وتدرج المناخ والنبات والروابط البشرية والعلاقات الاقتصادية .
وقد سعت الدراسة إلى توضيح تداعيات الصراع في السودان و الذي بدأ في أبريل 2023م على مصر ، وذلك من خلال الربط بين أهمية السودان بالنسبة لمصر وبين التأثيرات المختلفة للصراع ، والتي يتمثل أهمها في التأثير على الأمن المائي المصري المتعلق بنهر النيل الذي هو شريان الحياة المصرية ، ويتعلق القلق الأمني في ذلك الجانب في التأثير على تدفق المياه وحدوث تغير في علاقات السودان الإقليمية خاصة مع  إثيوبيا ، بما يعني تغير موقف السودان من سد النهضة، الأمر الذي سيكون له تداعيات على موقف مصر التفاوضي ، إلى جانب ذلك تأتي تداعيات الصراع في السودان على الاقتصاد المصري والتي ترتبط بصعوبة وصول المنتجات المصرية إلى السودان الذي يمثل سوقًا مهمًا لاستقبال البضائع المصرية ، وتتعلق كذلك بنقص إمدادات اللحوم الحمراء التي تستوردها مصر من السودان .
وهناك أيضًا تداعيات تتعلق بتدفقات اللاجئين السودانيين ؛ حيث تستقبل مصر نسبة تزيد عن 24% من اعداد اللاجئين السودانيين، ولا شك في أن هذه التدفقات البشرية تمثل مزيدًا من الضغط على الخدمات والنظم الصحية والتعليمية، وهناك أيضًا تداعيات أمنية خطيرة تتعلق باحتمالات أن يؤدي هذا الصراع إلى تقسيم السودان، أو أن يتوسع ويمتد خارج السودان ما يعني مزيدًا من تدفقات اللاجئين واتساع دائرة الفوضى في المنطقة، وهو أمر يهدد الحدود الجنوبية المصرية من خلال نشاط عمليات التهريب والاتجار بالبشر وتسلل المجموعات المسلحة عبر الحدود.