يُعَدُّ العصر الغرناطي في أخريات الحكم الإسلامي في الأندلس من أزهي عصور العلم والفنون؛ لما أبداه ملوك بني نصر من اهتمام بالناحية الفكرية والعلمية؛ الأمر الذي دفع العلماء والأدباء للتباري في شتى المجالات الفكرية، وانعكس ذلك على الناحية العلمية، والأدبية بشكل خاص؛ فظهر العديد من الأدباء، وتنوعت فنونهم بين التقليد والتجديد، وكان أبرزها فن المقامة.
يُعَدُّ فن المقامة من أهم الفنون النثرية التي حفل بها أدبنا العربي بداية من القرن الرابع الهجري، ولاقى رواجًا بين الكتاب، والأدباء في المشرق والأندلس، بما يمتاز به من التنوع الموضوعي، والتعبير عن الرؤى المختلفة؛ إذ نعنى بها:" القصص القصيرة التي يُودعها الكاتب ما يشاء من فكرة أدبية، أو فلسفية، أو خطرة وجدانية، أو لمحة من لمحات الدعابة، والمجون". وللمقامة فنياتها، وآلياتها التي تُقدم من خلالها؛ حيث " تدور حول شخصيات نمطية من أصحاب الكدية غالبًا، وتعمد إلى فن الإضحاك من تصرف تلك الشخصيات، وحيلها، وأقوالها، وتصاغ بأسلوب يكثر فيه الصور البيانية وضروب البديع. وتقدم من خلال راوٍ يحمل صفات المكر والخديعة، ولديه المقدرة اللغوية التي تساعده للوصول لمأربه، فهي " نوع من الحكايات القصيرة تروى على لسان أحدهم، وبطلها رجل أحكم التحيل، وقصر همه على تحصيل الطفيف من الرزق، ويوصف عادة بالدهاء والتكدية، وغايتها لغوية أدبية. وللمقامة أغراض متعددة، تتطرق إلى جميع مجالات الفكر والإبداع، فضلًا عن تعبيرها عن المجتمع بصوره المختلفة، وما يحمله من عادات وانطباعات بشكل عام؛ إذ تُعدُّ " أقاصيص خيالية مختلفة الأغراض والموضوعات، فمنها الأدبية، ومنها العلمية، ومنها الدينية، ومنها الاجتماعية أو الخلقية، ومنها المجونية، وفيها سخر شديد، ونقد لاذع ، وفيها ضروب من التخابث والاحتيال، للتكسب والتعيش، وفيها صور متلونة لطبائع المجتمع وعاداته" كما أنها تتميز بالظرف والدعابة؛ إذ تُعدُّ " حدث ظريف مغزاه مفارقة أدبية، أو مسألة دينية أو مغامرة مضحكة تحمل في داخلها لونًا من ألوان النقد، أو الثورة، أو السخرية، وضعت في إطار الصنعة اللفظية والبلاغية". وتعتمد في نسيجها على الحكاية؛" لغرض من الأغراض يرويها الراوية على لسان بطل في قالب نثري يحفل بالصنعة اللفظية، والعناية بالأسجاع، وهي قصة قصيرة مسجوعة تتضمن عظة أو لمحة أو نادرة". وقصتها دائما تدور حول الكدية والاحتيال، وتستخدم لإظهار البراعة اللغوية والأدبية. فالمقامة مجملة هي" إبداع نثري تمثل في النوادر والقصص والحكايات التي كانت الكدية محورًا لها". فجميع التعريفات لها توحي بحكايتها وقصها من راو على مستمعين ورفقة، واعتمادها على الظرف والدعابة، والحيلة، والخداع الأدبي، ولها هدفها المنشود ظاهريًا وباطنيًا، بما تحويه من موضوعات عبرت عن المجتمع، ونقده بصوره المختلفة، وإظهار المقدرة اللغوية، والصنعة البلاغية من ناحية، ووسيلة للاستجداء، والتكسب من ناحية أخيرة.
عبد الوهاب, د/ محمد رمضان. (2023). بنية الخبر وتشكلاته السردية في مقامة العيد لابن مرابع الأزدي.. مجلة کلية الآداب بالوادي الجديد, 9(18), 1095-1179. doi: 10.21608/mkwn.2023.365651
MLA
د/ محمد رمضان عبد الوهاب. "بنية الخبر وتشكلاته السردية في مقامة العيد لابن مرابع الأزدي.", مجلة کلية الآداب بالوادي الجديد, 9, 18, 2023, 1095-1179. doi: 10.21608/mkwn.2023.365651
HARVARD
عبد الوهاب, د/ محمد رمضان. (2023). 'بنية الخبر وتشكلاته السردية في مقامة العيد لابن مرابع الأزدي.', مجلة کلية الآداب بالوادي الجديد, 9(18), pp. 1095-1179. doi: 10.21608/mkwn.2023.365651
VANCOUVER
عبد الوهاب, د/ محمد رمضان. بنية الخبر وتشكلاته السردية في مقامة العيد لابن مرابع الأزدي.. مجلة کلية الآداب بالوادي الجديد, 2023; 9(18): 1095-1179. doi: 10.21608/mkwn.2023.365651