الأعراب وتهديد الاستقرار السياسيَّ بدولة حِمْيرَ في ضوء ‏النقوش المسنديَّة

نوع المستند : بحوث علمية محکمة

المؤلف

كلية الآداب - قسم التاريخ - جامعة العريش

المستخلص

شكل الأعراب خطراً داهماً على المملكة الحميرية ، لتهديداتهم المتواصلة  على مدنها وطرق قوافلها التجارية التي تمثل عماد الاقتصاد الحميري، ولهذا حرص الملوك الحميريين حرصاً بالغاً على التخلص من خطر هؤلاء الأعراب بكافة السبل،  ومن أجل هذا  سلكوا أسلوبين أساسيين ؛ كان الأول منهما عسكرياً خاضوا  من خلاله حروباً طاحنة ضد هؤلاء الأعراب ، استُهلت  بعهد أول ملوك تلك الدولة الحميرية وهو "شمر يهرعش" (ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت)، وذلك طبقاً للنقوش المسندية المرتبطة بحكم هذا الملك والموسومة ب "Cih.407، أرياني 17، شرف الدين31"، أما الأسلوب الآخر الذي اتبعه الحميريون لوقف خطر العربان وتهديداتهم ، فكان ذو طابع سلمى يمكن أن نطلق عليه بالمصطلح الحديث أسلوباً دبلوماسياً، حاول من خلاله الحميريون ربط الأعراب بدولتهم وترسيخ انتمائهم لها، وذلك عبر وسيلتين متلازمتين هما:

التحالف القبائل واستمالتهم: عقد خلالها الملوك الحميريين مع زعماء تلك القبائل معاهدات لضمان عدم تهديداتهم لاستقرار الدولة، تجلى هذا عبر النقوش المسندية الموسومة ب"شرف الدين25 RY .508 ،510 ، ja.629".
تجنيد الأعراب بالجيش الحميري: نجح الحميريون في الحاق الأعراب كفرق عسكرية خاصة بجيش الدولة، ولم يقتصر هدفهم في ذلك على اتقاء شرهم فقط، بل أيضا ليكونوا قوة إضافية للدفاع عن الدولة لما اتصف به هؤلاء الأعراب من شجاعة وإقدام، وقد أبلوا بالفعل في كثير من المعارك التي خاضوها من أجل تلك الدولة بلاءاً حسناً، ويتجلى كل ذلك عبر النقوش المسندية الموسومة بـ "j665، ja.660، ir.32".

عامة فقد نجح الحميريون إلي حد كبير في وقف تهديدات الأعراب عن دولتهم، إلا أن هذا قد اقتصر على الفترات التي كانت تنعم فيه تلك الدولة  بقوة البأس، ولكن حينما أصاب الضعف  والوهن مفاصل تلك الدولة وخاصة في أواخر عهدها، فشل ملوكها آنذاك على استيعاب الأعراب وقمع تمرداتهم حينما شقوا عصا الطاعة، والأكثر من هذا ما قد حدث في عهد آخر الملوك الحميريين "يوسف أسأر يثأر"(518-525م) ملك كل القبائل، إذ لم يكتفوا بالانشقاق عن الدولة والاستقلال بالمناطق التي تحت أيديهم، بل كانوا سنداً قوياً للأكسوميين الأحباش الطامعين آنذاك في تلك الدولة ويتجلى ذلك بالنقش " RES. 3904" ، والذي يشير إلى خيانتهم لهذا الملك، مما كان له أثره الخطير في استيلاء الأكسوميين على بلاد اليمن وإسقاط الدولة الحميرية نهائياً عام 525م.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية