مفهوم الدين في فلسفة بريان ديفيز

نوع المستند : بحوث علمية محکمة

المؤلف

قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة أسيوط

المستخلص

   تعني فلسفةُ الدين الدراسة الفلسفية لمعنى الدين وطبيعته، وهي التفكيرُ العقلاني حول القضايا والاهتمامات الدينية، وتتضمن تحليلات المفاهيم الدينية، والمعتقدات، والمصطلحات، والحجج، والممارسات الدينية لأتباع الديانات، كما تهتم بالأديان التوحيدية المختلفة، أما في الفكر الحديث فتتخذ نهجًا أوسع وأكثر عالمية، مع الأخذ في الاعتبار التقاليد الدينية التوحيدية وغير التوحيدية، كما يدرس ويركز الفلاسفة على طبيعة الدين والمعتقدات الدينية، والأفكار المتعلقة بالله، وكذلك الحجج والبراهين على وجود الله، ثم تطور نطاقُ فلسفة الدين وأصبح متنوعا؛ لأنها تعتمد على جميع المجالات الرئيسة للفلسفة بالإضافة إلى المجالات الأخرى ذات الصلة، مثل علم اللاهوت، والميتافيزيقا، ونظرية المعرفة، والأخلاق، والتاريخ، وعلم الاجتماع، وعلم النفس والعلوم الطبيعية.
        ثم إن الموضوعات التي تندرج تحت فلسفة الدين كثيرة ومتنوعة منها: المعتقدات الدينية، التنوع الديني،  الله الحقيقة المطلقة، الحجج المؤيدة لوجود الله، مشكلة الخير والشر، والمعجزات، وهكذا تسعى فلسفةُ الدين لمناقشة الأسئلة المتعلقة بطبيعة الدين ككل، كما تُعَدُّ فلسفةُ الدينِ نظامًا مركبًا وواحدة من فلسفات عديدة ذات أهمية حاسمة في تحديد الوظائف الخاصة بالروحانية والفكر في سعينا لتحقيق المطلق، فيفترض وجودها ذاته إمكانية وجود علاقة بين: الإيمان والعقل، بين التجربة والتفسير، وهي تثير تساؤلات حول تناسق الكون، ثم تقف فلسفة الدين بطبيعتها بين اللاهوت بطابعه العقائدي والمعياري المتأصل، وبين التخصصات التجريبية المعروفة باسم الدراسات الدينية مثل: علم نفس الدين، وعلم اجتماع الدين، وتاريخ الدين.
        أما عن موضوع الدراسة فهو مفهوم الدين في فلسفة بريان ديفيز Brian Davies وهو فيلسوف بريطاني، وكاهن روماني كاثوليكي(ولد عام 1951م)، كان أستاذًا للفلسفة في جامعة فوردهام، درس ديفيز علم اللاهوت في جامعة بريستول، ثم أمضى الفترة من 1982-1995م في جامعة أكسفورد، وطوال تلك السنوات كان محاضرًا في اللاهوت والفلسفة، وعضوًا في الكلية الفرعية للفلسفة، كما تأثر ديفيز بتوما الأكويني الذي يُعد من دعاة الإيمان الكلاسيكي.
        يُقدِّم ديفيز الكثيرَ من الموضوعات والقضايا المتعلقة بفلسفة الدين، فيتساءل هل من الممكن أن تكون فيلسوفًا ومؤمنًا في الوقت نفسه؟ هل الفلسفة صديقة أم عدو للمعتقد الديني؟ هل الحديث عن الله منطقي؟ هل الله موجود؟ ما الله؟.
    يطرح ديفيز الأسئلة السابقة وأسئلة مماثلة، ويقدم تعليقات جوهرية ومواد تمهيدية وأدلة تفصيلية حول فلسفة الدين، إلى جانب تناوله موضوعات عن وجود الله وطبيعته؛ ومشكلة الشر، والعلاقة بين الأخلاق والدين ومسألة الحياة بعد الموت، ويقترح ديفيز أيضا فحصًا نقديًا للأسئلة الأساسية التي يطرحها المعتقدُ الديني، فيدرس هذه الأسئلة وغيرها الكثير، ويقدم أحيانًا إجابات استفزازية خاصة به، ولكن في كثير من الأحيان يمنح الباحثين مساحة لتكوين استنتاجاتهم الخاصة، ثم يناقش آراء الكثير من فلاسفة الدين الكلاسيكيين أمثال أنسلم، والأكويني، وديكارت، وليبنتز، وهيوم، وكانط، ويعرض لمجموعة متنوعة من المفكرين المعاصرين، لبيان التطورات في فهم فلسفة الدين.
    ومن أهم مؤلفاته التي تُعالج موضوع الدراسة(مفهوم الدين وفلسفته): فلسفة الدين: دليل ومختارات، مدخل إلى فلسفة الدين، حقيقة الله ومشكلة الشر، فكر توما الأكويني، وتوما الأكويني عن الله والشر.                          
    وفي السياق ذاته يرى الباحثُ أن فلسفة الدين أصبحت في القرن العشرين مسار اهتمام كثير من الفلاسفة المعاصرين؛ لأنها تقوم على الدراسة العقلية للمعاني والأسس الدينية، بل تفحص المفردات والنصوص والتجربة الدينية وتحللها، وتناقش أسئلة تتعلق بطبيعة الدين ككل عوضًا عن تحليل المشاكل المطروحة في نظام إيماني أو معتقد معين، وهي قابلة للنقاش من قبل كل من يعرّفوا أنفسهم بأنهم مؤمنين أو غير مؤمنين، وهو ما أدى إلى اتساع نطاقها، وتنوع موضوعاتها. 

الموضوعات الرئيسية