نقدم فى هذا البحث تناولا تحليليا لمفهوم الميلادية عند أرنت بوصفه تصورا محوريا فى فلسفتها السياسية والأخلاقية. فالميلادية هى شرط إنسانى وجودى قامت من خلاله أرنت بنقد الحضارة الغربية الحديثة بوصفها حضارة موت تبعد الإنسان عن إنسانيته، التى تتأسس على قدرته على الفعل فى المجال السياسى. وقد استطاعت أرنت من خلال تصورها عن الميلادية فى ترابطها بالعالم وتوليدها للقدرة على الفعل الإعجازى الحر، أن تلضم بين الواقع والأخلاق والإنسان والسياسة. کما استطاعت أن تقاوم الموت الإنسانى فى الحضارة الغربية، بالأمل والوعد والمسامحة وأخيراً بمحبة العالم. وهى جميعها قيم أخلاقية تتأسس على تصور الميلاد کشرط إنسانى. وجميع تلک الفضائل الأخلاقية المرغوب فيها هى فضائل سياسية، لأنها تسمح لنا بالاستمرار فى الفعل الحر المجدد وبمشروعية الأمل بالتالى فى تغيير العالم للأفضل. ومع ذلک فقد کشفنا عن وقوعها فى نظرة نخبوية للإنسان وللمساواة تفتح الباب لعنصرية جديدة طالما حاربتها. والبحث مقسم إلى مقدمة وخاتمة وثلاث عناصر أولا: تعريف بالميلادية وعلاقتها بالشروط وبنشاط الفعل - ثانيا: نقد أرنت للحضارة الغربية الحديثة بوصفها حضارة موت – ثالثا: الميلادية والبدائل التى تقدمها أرنت لإنقاذ الوجود الإنسانى من "الموت".
)
مشاهدة على SCiNiTO